عندما نقرأ شعر امرئ القيس .. تزكمنا في الطور الأول قبل مقتل أبيه ، رائحةُ الخمر و المجون ، ثم تُلهب وجوهَنا بعده حرارة الهمة و فوران العزيمة ..!
وبغض النظر عن كون هذا الثأر باطلا بلا شك .. لكنه بعدما سدر في عوالم اللهو و القصف و العربدة ، نزل بساحته أمر ففجَّر العزيمة في عروقه ، حتى أحاط عنقه بهذه المهمة الجادة الثقيلة ..
وفي المقابل ...
كثيرون هم كثيروا الكلام الفارغ ، والنقد غير البناء قليلوا العمل المثمر ..
والعربة الفارغة تُصدر ضوضاء أكبر ! هكذا يقول المثل الإنجليزي !
*****
هي تذكرني دائما بقوس المطر
جنون الأصفر ، جرأة البرتقالي ، قوة الأحمر ، ثقة البنفسجي ، صدق الأزرق و طيبة الأخضر !
لكنها في نظر البعض .. و سأكون متفائلة و لن أقول الأغلب .. تبدوا ألما وحسب ..
يعني .. ملابس متبرجة و حجاب زينة و حفلات راقصة و أفلام عاطفية و و و !
رباه ! أتعرفون ماذا تطمح إلى أن تكون في المستقبل ؟
لاعبة تنس عالمية !
و الآن ..
هي داعية تلقي دروسا شيقة في مصلّى الجامعة ..
و تابت على يدها قبل أيام زميلة لها عن سماع الغناء ..
و حفظت سورة البقرة في مدة قياسية ..!
فماذا الذي حدث ؟
أترون لو أنه جاء أحد إليها في تلك الأيام الخوالي و قال لها مباشرة ، : " هذا حرام ! هذا تبذل ! هذا فجور ! هذا تشبه بالكافرين و اليهود و و و !"
فماذا كانت فاعلة ؟
ستلوّح بيدها بضجر و تقول : " أف ! كل شي حرام ! حتى الوناسة ؟" !!!
لا تلقوا أسلحتكم .. انتظروا ..
أنتم لم تبحروا في تيه نظراتها و هي ترمق راكعات الضحى ..
أنتم لم تسافروا في لوعة قلبها ، و هي تنظر إلى فتاة تشمخ بحجاب شرعي في عزة و سمو ..
أنتم لم ترحلوا مع شوق جوانحها ، و هي تُدعى إلى مجلس علم فتتحلق مع المدعوات ساعة لتذاكر العلم حتى لا يكون هذا المجلس حسرة عليهن يوم القيامة ..
إنها أحجار صغيرة تُلقى في بحيرة همتها الراكدة ، فتحدث أمواجا .. تثور .. تتلاحق .. تشتد ..
كان محمد بن المسيب ، يقرأ فإذا قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ، بكى حتى يُرحم ، و أنا أبكي للوعة كاذبة و شجىً باطل ؟
جلس البخاري للحديث و ما في وجهه شعرة ، و أنا في عمره أطمح إلى أن أكون .. لاعبة تنس ؟
كانت رابعة العدوية ، تنتظر الليل بأستاره الحالكة ، بكل شوق ، لتناجي في ظلماته رب السموات و الأرض ، و أنا أنتظره لألهث خلف حفلة رقص مجنونة ؟
هذا كل ما حدث ..
لقد اطلعتْ على أغوار عالم الدعوة إلى الله..
فداعب ذلك أملا أخضرا في نفسها ، و أشواقا إلى الهمة بيضاء ..
إنهن طاقة .. و فيهن خير كثير .. و حماس للدعوة ملتهب ..
لكن ..
من يجرب ، دون أن يضرب على أيديهن ، و يدعو عليهن بالويل و الثبور و عظائم الأمور ؟
ثم يشغل أنفسهن بالحق .. فترتد عن الباطل ؟
من يجرب ؟؟؟؟؟