عبد المنعم ابو عادي مبدع فعال
عدد الرسائل : 93 العمر : 50 العمل/الترفيه : لا المزاج : عالي الاسم الرباعي : عبد المنعم احمد ابو عادي تاريخ التسجيل : 24/08/2009
| موضوع: انت في شهر رمضان فمع أي الفرق أنت ؟ الإثنين أغسطس 24, 2009 3:33 pm | |
| انت في شهر رمضان فمع أي الفرق أنت ؟ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، يا رب سدد و أعن ، أما بعد :
فها هو رمضان سيقلنا عما قريب إن شاء الله ، و يأتينا بالخيرات و البركات من الله جل و علا ، فما حال الناس في الاستعداد له ؟!
لقد انقسم الناس من حيثية الاستعداد لشهر العبادة و الطاعة إلى قسمين :
أناس لا يستعدون له ، فهم عندهم رمضان كغيره من الأشهر ، فهم لا يصومون و لا يصلون و لا يعملون فلم الاستعداد ؟! نسأل الله العافية ، و هؤلاء أقلية و لله الحمد ، و الواجب على أفراد هذه الفئة الظالمة لأنفسها الرجوع إلى الله تعالى من قبل أن يخسروا الدنيا و الآخرة .
أما القسم الآخر فهم الذين يستعدون ، و هؤلاء نقسمهم على ثلاثة أقسام :
قال تعالى : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ }..
فالأول الظالمين لأنفسهم من هم عاكفون على المعاصي و الغفلة طيلة السنة ثم هم ما أن يسمعوا برمضان حتى تأخذهم نشوة و غبطة أنهم سيتابعون أخيرا الجزء الأول أو الثاني من المسلسل الفلاني ، و غدا سيرون الفوازير و الكاميرا الخفية و البرنامج الفلاني المضحك ، و سيقيمون الدورة الرمضانية و الخيمة الرمضانية و السهرات و المسابقات ، فيبدؤون بالإعداد لهذا من تنظيم دورات رياضية و شعرية و غنائية و غيرها ، و بناء الخيم و البيوت الخشبية التي سيجتمعون بها من أجل الدق على العود ، و شرب الشيشة و لعب الورق و الطاولة و اللغو حتى الفجر ، فإذا قال المؤذن الله أكبر لصلاة الصبح ذهبوا إلى فراشهم للنوم ، نسأل الله العافية ، فهؤلاء ما قدروا الله حق قدره و ما عرفوا قيمة رمضان و لا عرفوا هدي النبي صلى الله عليه و سلم في رمضان .
و من استعداداتهم أيضا شراء ما لذ و طاب من ألوان المأكولات و الحلوى و الإفراط في هذا و كأن حربا ستقوم أو مجاعة ستعم الناس عما قريب ، فإن صاموا يومهم رأيتهم كالأموات ، هذا مغضب عابس الوجه لأنه لم يدخن اليوم ، و هذا مزاجه معكر لا يطيق أن يرى أحدا ، و هذا يخل بدوامه و انتظامه ، و هذا يقضي يومه غاطا في سبات عميق و هكذا إلى أن يؤذن المغرب فيأكلون و يشبعون و لله الحمد و المنة على نعمه ، و لكنهم يثقلون على أنفسهم فتراهم لا يستطيعون أداء الصلوات بعدها على أكمل وجه ، ففي النهار لا يؤدون العبادات و الأعمال على أكمل وجه بسبب الجوع و حجتهم في هذا أنهم صائمين ، و بعد المغرب لا يؤدونها على أكمل وجه أيضا و لكن بسبب الشبع الزائد هذه المرة ، فتزيد أوزانهم في رمضان أكثر من غيره ، و يأتي رمضان عليهم و يذهب و ما فعلوا فيه شيئا من العبادات و القربات ، و لا حول و لا قوة إلا بالله ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له..[ صححه الألباني ]
و قد يدخل في هذا القسم أيضا أناس أرادوا التوبة أو أرادوا التفرغ للعبادة فقالوا إذا جاء رمضان غدا سوف نعمل و نفعل و نتوب ، فإذا جاء رمضان ما فعلوا ما أرادوه ، و إنما هذا له سببان رئيسان : أما الأول فهو عدم صدقهم مع الله ، فثبطهم الله عن عبادته لأن عبادة الله هي توفيق منه سبحانه و تعالى ، فلو أنهم صدقوا الله ما قالوا إذا جاء رمضان سنتوب ، بل لتابوا من حينها ، و السبب الآخر أن العبادة لم تكن لهم ديدن و سمة ، فأنت يا أخي مثلا إن لم يكن لك ورد يومي من القرآن تقرؤه يوميا فسوف ترى الأمر صعبا جدا أن تختم القرآن في رمضان ، و إن لم تجاهد نفسك في الصلاة على الخشوع فيها دوما و أبدا ، سوف تواجه صعوبة في التلذذ بها في رمضان و ستجد صعوبة في قيام رمضان ، و لهذا نرى المساجد في أول رمضان قد امتلأت و صفوف المصلين قد تصل إلى خارج المسجد ، و أما في آخر رمضان قد يصل المصلون إلى نصف المسجد فقط .
و هذا القسم الأول جعلوا رمضان شهر غفلة و معصية ، نعوذ بالله من الخذلان ، و هم الظالمون لأنفسهم كما أشرنا ، و عليهم الاقتداء بالقسم الثالث الذي سيأتي ذكره -إن شاء الله- قدر استطاعتهم ، و إلا فعليهم الاقتداء بالقسم الثاني الآتي .
أما القسم الثاني من المستعدين لرمضان فهم المقتصدون ، و هم الذين يجاهدون أنفسهم دائما و أبدا على طاعة الله و يحبسونها عن معصيته ، فيفعلون الواجبات و يجتنبون المحرمات ، فإذا جاء رمضان اشتغلوا بالعبادة و قراءة القرآن و القيام ، و الصيام بلذة ، و لكن اعتورهم أمران ، أما الأول فإقبالهم على رمضان ببرنامج مفتوح ، فهم في نواياهم أنهم إن جاء رمضان سيجتهدون في العبادة و لكنهم لم يضعوا البرنامج المناسب لهم ، مثلا هم يقرؤون القرآن كل يوم في رمضان و لكن ليس في بالهم أن يقرؤوه في الوقت الفلاني ، بعد الفجر أو العصر مثلا ، أو أن يختموا في كل ثلاثة أيام أو في كل أسبوع أو اسبوعين مرة ، أو مثلا هم يركزون على قراءة القرآن و ينسون نصيبهم من قيام الليل و الصدقة و أعمال البر و صلة الرحم ، أو يركزون على جانب الصدقة و ينسون و يزهدون في الباقي و هكذا ، و أما الأمر الثاني أنهم قد يسترسلون في الخوض في بعض المباحات كثيرا فتكون شاغلا لهم عن العبادة و قد توقعهم بما ينقص من أجورهم ، كالإكثار من الأكل مثلا و يترتب عليه الكسل و الخمول أو الإكثار من الزيارات أو الخروج للتنزه و التسوق مثلا أو الانشغال بتراكمات العمل و هكذا .
و أما القسم الثالث و هم السابقون في الخيرات –أسأل الله أن يجعلنا منهم- ، فهم من كانت عبادة الله لهم سمتا و ديدنا و عادة ، ليست العبادة ذاتها عادة ، لا ، ليس هذا هو المقصود ، و إنما عبادة الله أصبحت جزءا من حياتهم ، حتى أنهم لم يكتفوا بفعل الواجبات فقط بل فعلوا المستحبات أيضا ، و لم يتركوا المحرمات فحسب بل تركوا المكروهات ، بل و استقلوا كثيرا من المباحات و زهدوا فيها ، فإن مر عليهم يوم لم يفعلوا فيه بعض المستحبات يتقربون بها إلى الله تعالى شعروا أنهم أذنبوا و قصروا ، تماما كما قال أحدهم و كان من ديدنه أن يقوم كل ليلة ثلاث ساعات ، فنام إحدى الليالي منهكا و قام ساعة فقط من تلك الليلة فقال : إنا لله و إنا إليه راجعون ، و هذا حصل في زماننا هذا فما بالك بالقرون الأولى ! ، و أنا أقول الآن : إنا لله و إنا إليه راجعون أين نحن منهم ؟!
لا تعرضن بذكرهم مع ذكرنا ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد
فهؤلاء هم الذين يتسابقون إلى الخيرات و يقتدون بالنبي صلى الله عليه و سلم ، و بسلف الأمة الصالح ، فقد كان السلف الصالح يتنافسون في فعل الخير دائما و إذا جاء رمضان تنافسوا أكثر و أكثر ، فمنهم من كان يختم القرآن في كل ثلاثة أيام حتى إذا جاء رمضان ختم في كل يومين مرة و في العشر الأواخر في كل يوم مرة ، بل و منهم من ختم في كل يوم مرتين كالشافعي رحمه الله ، و كانوا يطيلون القيام حتى أن بعضهم إن رأيته ظننت أنه لا ينام أبدا ، و كانوا يطيلون القراءة في الصلاة و يحرصون على الخشوع فيها ، و كانوا أجوادا لا يردون سائلا ، و يعطون العطايا على حبها ، و كان بعضهم لا يأكل إلا مع الفقراء و المساكين ، وكانوا لا يخرجون من بيوتهم إلا للصلاة و للحاجة ، خوفا من أن ينقصوا أجور صيامهم باللغو و الحديث الفارغ و النظر المحرم ، فكانوا يلزمون بيوتهم حرصا على صيامهم و أجره ، و كانوا إذا انتهى رمضان حزنوا على فراقه و خافوا أن ذهب و لم يتقبل الله منهم ، حتى قال بعضهم عندما رأى بعض الناس يلعبون و يلهون في العيد : إن كان هؤلاء قُبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين ، و إن لم يقبل منهم فما هذا فعل الخائفين .
أما هؤلاء فلا يحتاجون إلى برنامج رمضاني لأنهم كما أشرنا يعبدون الله كأنهم يرونه و إذا جاء رمضان زادوا العبادة و جدوا و اجتهدوا فيها ، و إنما الذي يحتاج إلى برنامج أو إلى شيء من التنظيم اقتداء بقوله صلى الله عليه و سلم : قاربوا و سددوا .. هم نحن ضعاف الإيمان و العمل –أسأل الله أن يقوي إيماننا و يقيننا و أن يجعل أعمالنا صالحات مخلصات لوجهه الكريم | |
|